Monday, July 9, 2012

لمن يستحق هذا الدين ؟


أقتطف من قول الله جل وعز من سورة النمل، الآية : 34، {قالت إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة، وكذك يفعلون} لربط القول الذي نحن بصدده (حمل الشعلة الأولمبية).

من تلك الآية الكريمة، يقول تعالى على لسان صاحبة سبأ للملأ من قومها، إذ عرضوا عليها أنفسهم لقتال سليمان عليه السلام، فقالت: إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها أي خربوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة، وذلك باستعبادهم الأحرار، واستخفافا (استهانا) إياهم. 

لعل هذا مسايرا لمن يقول : "الناس على دين ملكوكهم" (وهذا ليس بالحديث النبوي ولا أصل له) لأن الناس فعلا على دين ملوكهم أو مليكهم، فإذا رأيت المجتمع تكتر فيه الفضيلة والخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فذلك لأن مليكهم على ذلك، وإن كان غير ذلك فمليكهم على ذلك الطراز (الشاكلة أو السجية) أيضا.

أما بالنسبة إيقاد الشعلة الأولمبية وحملها بمناسبة استفتاح اليوم الرياضي الوطني، فأقول بأن هذا الأمر طبعا متعلق بالدولة، وهو يخالف تماما عن ممارسة نشاطات يوغا التي كانت محرمة من قبل.

إن نشاطات يوغا هذه فهي ممارسة نفسية دون تعلق بأمور وطنية، أو بعبارة أخرى أنها أمور فردية فليست فيها تاثيرا كبيرا للدولة إن كانت محرمة.

أما بالنسبة لحمل الشعلة الأولمبية فالأمر متعلق طبعا بالدولة، وكما أنها تأتي على سيطرة الملك من الملوك، ولعل رجال الإفتاء يتحذرون من إخراج الفتوى بسبب هذا التعلق، وإلا فما بالهم من هذا الشعلة ؟ وما فائدتهم منها ؟

ونحن نؤمن بالله ونؤمن برسوله ولا نشرك في إيماننا شيئا حسيا أو معنويا.

نأخذ حديثا على سبيل المثال من كتاب سبل السلام، ج 1، ص 218-219، باب الآذن :
عن عبد الله بن زيد بن عبد ربه قال : طاف بي – وأنا نائم – رجل فقال : تقول : الله أكبر الله أكبر، فذكر الآذان ... إلخ. (أخرجه أحمد وأبو داود، وصححه الترمذي وابن خزيمة).

نجد من الحديث السابق سبب وروده وهو ما في إحدى الروايات أن "لما كثر الناس ذكروا أن يعلموا وقت الصلاة بشيء يجمعهم لها، فقالوا : لو اتخذنا ناقوسا ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك للنصارى، فقالوا : لو اتخذنا بوقا ؟ قال : ذلك لليهود، فقالوا : لو رفعنا نارا ؟ قال ذلك للمجوس، فافترقوا فرأى عبد الله بن زيد في منامه فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر الحديث.

فالسؤال : لماذا رفض الرسول صلى الله عليه وسلم من استخدام النار ؟

ولستُ هنا في صدد استخراج الأحكام المتعلقة بالموضوع، وإنما أقول أن قضية استخراج الأحكام في بلادنا شديدة التعلق بصاحب الدولة حتي تكون أحيانا يتزحزح أصحاب الدين من عيون الملوك.

فمشكلة هذه تترعرع في أمور شتى، وخاصة بالأمور المتعلقة بالمصالح الوطنية. وهي لا تنتهي بانتهاء موت الملوك، بل تتوارثها من جيل إلى جيل في السكة الحديدية الملكية.

ما دام الأمر على هذا المنوال، فلا ترجو النجاة بالدين، لأن سيطرة الملوك أصبحت تعلو فوق كل شيء.

والله أعلم ...

No comments:

Post a Comment